الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

الإلحاد: هل يغزو مجتمعاتنا العربية؟ أم ينقذها؟

دارسة عالمية: 5% من السعوديين ملحدين
س.م: الدين وجوده مرتبط بالجهل
حازم: أنا حر، يمكن أن أكون مسلما اليوم وأصبح غير مسلم غدا!
فاطمة: هذه الثورة الفكرية أمر جيد حتى بوجود الأخطاء
يحيى: الإلحاد غير منطقي فهو اعتقاد فلسفي بحد ذاته
د.أحمد: هم لا ينكرون وجود الإله بل "يكرهون" وجوده
د.عمرو شريف: فتح باب الحوار لا يأتي أبدا بنتيجة سلبية
 أجرى معهد غالوب الدولي دراسة حول التدين والإلحاد في العالم نشرت عام 2012م. قاست الدراسة التصورات الشخصية حول المعتقدات الدينية. بينت نتائج الدراسة المنشورة أن نسبة من يصفون أنفسهم بالإلحاد في العالم العربي بشكل عام لا تتعدى 2% في مقابل 18% يصفون أنفسهم بأنهم فقط غير متدينيين. من المثير للاهتمام ملاحظة أن 5% من أفراد العينة السعودية وصفوا أنفسهم بالإلحاد مقابل 2% من العينة اللبنانية و 0% من عينتي تونس والعراق. دفعنا هذا الأمر للتساؤل: هل تمثل هذه الأرقام حقيقة انتشار الأفكار اللادينية في المجتمعات العربية؟ هل يمكن اعتبارها تطورا طبيعيا إيجابيا أم هي مجرد ردة فعل للتطرف الديني؟ هل يمكن أن تعود هذه الأفكار بالفائدة على المجتمع؟ أم هي تحول ينذر بالخطر ويدعو للاستنفار؟ دفعتنا هذه التساؤلات لجس نبض المجتمع و استطلاع آراء بعض المهتمين والباحثين في هذا المجال الذي يصعب الإحاطة بجميع جوانبه.


-------------------------------------------
هذه المادة لم تنشر في موقع أو مجلة سيدتي
-------------------------------------------

شعبنا كافر للنخاع !
(س.م)-36 سنة - يعتقد أن نسبة الإلحاد في السعودية أكبر بكثير مما نتوقع. يقول : أستطيع القول أن ١٥٪ من الفئة العمرية تحت ٤٥ ملحدين. وبصفة عامة  أصنفهم٢٠٪ مسلمين و ٦٥٪ كفار. حقيقة شعبنا كافر للنخاع وهو لايدرك ذلك! أي نعم الأغلبية مسلمين لكنهم لا يصلّون أبدا وما أعرفه أن تارك الصلاة كافر. يعمل (س.م) في وظيفة إدارية وهو متزوج وعلاقته بعائلته جيدة برغم معرفتهم بتوجهاته اللادينية. يكمل: أنا أؤمن بوجود مسبب ذكي للوجود لكني لا أؤمن بأي آلهة معبودة. وأنا لاديني طوال عمري بدون أي مؤثرات خارجية لا كتب لا تلفزيون وقتها و لا إنترنت و لا حتى سمعت بالإلحاد لأني من سكان القرى، و إلى اليوم لا تسهويني كتب الإلحاد و القرائة لرموزها. يؤمن(س.م) أن انتشار الأفكار اللادينية في المجتمعات العربية سيكون لصالحها فيقول: الدول الملحدة تخطت المتدينة بشكل كبير كأنك تعيش بكوكبين مختلفين يكفي كسبب أن الدول الملحدة شعوبها لا تحيا بسياسة القطيع و التوجهات الجماعية حيث تعطي أولوياتها للتنمية بينما تهتم الدول المتدينة بتفاهات لا علاقة لها بالواقع ولا الزمن. الدين وجوده مرتبط بالجهل وعندي قناعة تامة أنها مرحلة و زمن الأديان زائل لا محالة!
 
أنا مكبّر دماغي
حازم – 21 سنة- طالب سعودي مبتعث للدراسة في دولة عربية حيرّنا  بتصنيفه. يقول عن نفسه: أنا لا أصنف نفسي أي تصنيف، لا أتبع أي دين ولا ملة ولا حزب ولا رأي. أنا "مكبّر دماغي" وأعيش مع نفسي شعاري لايوجد حقيقة مطلقة. أخبرناه أن هذا التعريف يعني أنه "لا أدري" فرد رافضا: أنا أعيش حرا، آخذ مايعجبني وأغير رأيي في أي وقت. يمكن أن أكون مسلما اليوم ثم أصبح غير مسلم غدا. أنا فقط أنادي بالحرية ولا أعتقد أنه يوجد دليل مادي على أي شيء!

نتيجة طبيعية للثورات العربية
فاطمة- 24 سنة- موظفة بمكتب استشاري بيئي، مؤمنة ولديها العديد من الحوارات مع أشخاص ملحدين ولا دينيين. تعتقد أن الالحاد ليس له علاقة بالتطرف الديني، بينما اللادينين هم النتيجة العكسية للتطرف. تقول: الملحدين موجودين من قبل 50 سنة أو أكثر بكل الدول العربية والخليجية لكنهم لم يظهروا إلا الآن بعدما شعروا أن الثورات السياسية العربية يجب أن تتبعها ثورة عقلية. فهم بطبيعتهم أشخاص متمردين وجدوا شبابا من الجيل الناهض بدأ يقرأ ويستوعب ويبحث. تعتقد فاطمة أن هذه الثورة الفكرية أمر جيد حتى بوجود الأخطاء. تقول: إذا استمر التطور وتلاقح الأفكار ستُستبعد الأفكار السيئة وتبقى الافكار الحسنة.

يحيى عبد الوهاب
بالتأكيد هناك خالق للوجود
يحيى عبد الوهاب- 24 سنة- دارس للفلسفة ويعمل بمجال الترجمة والإعلانات. يتفق مع فاطمة في أن التطرف الديني هو مسبب رئيسي لانتشار هذه الأفكار. يقول: التغيير اللذي يقدمه الإلحاد ايجابي و سلبي بنفس الوقت، هو يساعد على تخفيض السطوة الدينية المتطرفة، لكنه بحد ذاته تطرف كذلك. من ناحية شخصية يعتقد يحيى أن الإلحاد غير منطقي فهو اعتقاد بحد ذاته. يكمل: قد أتفهم اللا أدرية. لكن الإلحاد هو اعتقاد فلسفي مثله مثل الإعتقاد بوجود إله. وبرغم تشدق الملحدين بالعلم إلا أن العلم نفسه لا يستطيع تأكيد أو إنكار وجود إله بهذا التأكيد. يستدرك يحيى ويقول: بالتأكيد هناك خالق للكون، لأن كلمة خالق تنطبق على أي شي تسبب في وجود كوننا وليس شرطا أن يكون كائنا ضخما بلحية جالس في السماء-كما في الميثيولوجيا المسيحية-. فإنكار الملحدين لوجود خالق هو إنكارهم لوجود سبب أول وهو إنكار لوجودهم بحد ذاته، ولو لم يكن لهم سبب فبالتالي هم غير موجودين!

لوم الشيوخ ليس مبررا كافيا
د. أحمد جلال
أحمد جلال -40 سنة- يعمل طبيبا استشاريا في الآشعة التشخيصية. هو أيضا باحث في الإلحاد وعلم الدين المقارن ولديه العديد من الحوارات والمناظرات مع الملحدين. يعتقد أن أغلب دعاة الإلحاد في العالم العربي لا يستندون على أرضية علمية قوية أو حتى متوسطة. يقول: أهم نقطة وجدتها تتكرر من حواري معهم أنهم في حقيقة الأمر لا ينكرون وجود الإله، بل "يكرهون" وجوده. و يكرهون التكاليف وافعل ولاتفعل. كما تؤثر على آراءهم معضلة الشر حيث وجدتها مسيطرة على تفكير العديد من الملحدين وخاصة النساء. أما الشباب، فكان حديثهم عن النظريات العلمية الحديثة في خلق الكون ونشوء الحياة، وليس المجال هنا للرد عليها، ولكن ما لفت إنتباهي هو ذكرهم لطريقة تعامل الشيوخ معهم عندما توجهوا إليهم بأسئلتهم.  يستنكر أحمد تعامل الشيوخ المعنّف والرافض لتساؤلات هؤلاء الشباب إلا أنه لا يجده مبررا كافيا لاعتناق هذه الأفكار. يقول: لا أستطيع إنكار أن تجديد الخطاب الديني مطلب حيوي وهام، ولكن لا يمكن لعاقل أن يلقي باللوم على الشيوخ والدعاة في إنتشار الإلحاد بين الشباب.


الحراك الديني غير متناسب مع الحدث
د. عمرو شريف. استاذ الجراحة العامة ورئيس أقسام الجراحة بكلية الطب الأسبق –جامعة عين شمس. له عدة مؤلفات تبحث في مجال العلم والإيمان من أبرزها "رحلة عقل"و "كيف بدأ الخلق" و"ثم صار المخ عقلا". لا يعتقد أن الإلحاد وصل حد الظاهرة بل لم يكن أبدا ظاهرة عبر مر العصور. وقد بدأ بشكله المعاصر في إنكار وجود إله كإفرز للثورة العلمية في أوروبا في نهاية العصور الوسطى عندما بدأ الصراع بين الكنيسة والعلماء. يعزو د. عمرو انتشار هذه الأفكار في عالمنا العربي إلى الفضاءات المفتوحة وثورات الربيع العربي التي فتحت المجال للرأي وتحدي الوضع الراهن. تتكرر أيضا مشكلة عدم استيعاب المنظومة الدينية للمنظومة العلمية. فالخطاب الديني التقليدي يتعامل مع التفسيرات القديمة للنصوص على أنها من ثوابت الدين. يقول: النتيجة أننا وضعنا شبابنا في صدام مابين كلمة العلم وكلمة الدين؛ حيث يسمع الشاب في دور العلم كلمة تتناقض مع مايسمعه في دور العبادة.
د. عمرو شريف
يؤمن د. عمرو ان فتح باب الحوار هو الحل الأمثل لمعالجة هذه الظاهرة. في نفس الوقت يعتقد أن الأمر لن يكون بهذه السهولة. يقول"ما ألمسه أن أصحاب الطرح الديني التقليدي قليل منهم على استعداد للتفاعل مع مستجدات العلم. باستثناء الشيخ محمد العوضي فبقية من يمثلون التيار الديني يرفضون" بصفة عامة يرى د.عمرو أن الحراك الديني غير متناسب مع الحدث ويأخذ موقف الرفض أو انكار وجود المشكلة في أفضل الأحوال.
يضرب الدكتور عمرو المثل بالنتيجة الإيجابية بمناظرة مطولة شارك فيها مع أحد أشرس الملاحدة العرب وعرضت على قناة مصر 25 على مدى أربع حلقات. يقول: مدير الحوار الداعية فاضل سليمان لديه صديق ألحد ابنه. فأصبح فاضل يقعد مع الابن بالساعات يحاوره دون استجابة. لكن عند عرض أول حلقة من المناظرة وبعد انتهائها التفت الشاب لوالده وقال له: عندما تصلي العصر اليوم، نادني لأصلي معك! تفاجأ الأب بالتحول السريع الذي طرأ على ابنه وعندما سأله عن سبب ذلك قال الشاب أنه بمجرد ماحصل الحوار مع الطرف الآخر و وجدت أن الملحد لم يستطع الإجابة على الحجج التي طُرحت عليه عرفت أن بضاعتهم خاوية، وأن الهيبة التي يظهرون بها في وسائل الإعلام ومواقع الانترنت مجرد مظهر خاوٍ. يختم الدكتور عمرو ويقول: لم يكن أبدا فتح باب الحوار يأتي بنتائج سلبية وهذا هو منهج القرآن الكريم حيث يقول عز وجل "قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق